中文 English الاتصال بنا الأرباط المعنية
   صفحة رئيسية  > الأخبار
الحديث الناعم .. لغة مشتركة تساعد فى تسوية مسألة دارفور
2007-09-14 00:00

ليو قوى جين يظهر الجانب العاطفى كدبلوماسى مخضرم وهو يتحدث عن الصين وافريقيا. " الشعب الصينى وشعوب افريقيا تربطهم صداقة روح عظيمة, اذ أننا نتشاطر نفس اللغة فى الشؤون الدولية ".

ليو - أول مبعوث خاص صينى حول الشؤون الافريقية - يسابق الزمن منذ أن تولى هذا المنصب فى شهر مايو. قام بثلاث رحلات الى افريقيا فى أقل من ثلاثة أشهر - اثنتان منها الى دارفور بالسودان, وفى زمن دراماتيكى فى واحدة من أشد المناطق المتفجرة فى افريقيا. وقد اقترب ما يزيد عن مليون نازح من العودة الى ديارهم مع قرار الاتحاد الافريقى والأمم المتحدة حول نشر 26000 من قوات حفظ السلام فى دارفور. ان أكبر دولة فى القارة ناضلت باتجاه السلام والاستقرار مع جلوس الجماعات المتمردة للتفاوض مع الحكومة. ومع اشادة المجتمع الدولى بالتقدم على أنه " غير مسبوق ", وجه الكثيرون من زعماء العالم الشكر الى الصين لقيامها بدور بناء.

قال ليو : " يمكنكم أن تصفوا دور الصين فى تسوية مسألة دارفور على أنه فريد المثال, اذ نتكلم ونتصرف بشكل يفهمه ويقبله أصدقاؤنا الأفارقة. "

عبر السنين, تعاونت الحكومة السودانية مع الاتحاد الافريقى فى معالجة المنازعات بين القبائل المحلية فى دارفور. وقد اتهمتها بعض الدول الغربية بالابادة البشرية فى المنطقة, اتهام رفضه تحقيق ميدانى أجرته الأمم المتحدة. ولقد رفضت الحكومة السودانية, وهى شديدة الشكوك بدوافع الدول الغربية, أن تسمح لأى قوات من خارج الاتحاد الافريقى الى دارفور, حتى تحت راية الأمم المتحدة. ازداد الوضع تعقيدا مع تهديد الغرب لفرض عقوبات اقتصادية على السودان. ودعا بعض الأفراد والمجموعات فى الغرب حتى الى استخدام القوة من دون تفويض الأمم المتحدة. هذه الخطوة سببت هياجا فى داخل الاتحاد الافريقى, فيما تعهد السودان بالكفاح من أجل سيادته.

فى اللحظة الحرجة, دعت الصين الى حل سياسى لمسألة دارفور. تبنت موقفا شديد الوضوح هو أنه لا بد من احترام سيادة ووحدة أراضى السودان, وان العقوبات الاقتصادية لا تؤدى الى تسوية المسألة. ومن أجل تجنب تصعيد للأزمة محتمل, طرحت الصين على الفور سلسلة من الجهود الدبلوماسية.

التقى الرئيس الصينى هو جين تاو مرتين مع الرئيس السودانى عمر حسن أحمد البشير من نوفمبر الى فبراير. وطرح الرئيس هو مبادئ الصين حول مسألة دارفور, بما فى ذلك احترام سيادة وسلامة أراضى السودان, والاصرار على تسوية سلمية من خلال الحوار والمشاورات المتكافئة, والتأكيد على دور الاتحاد الافريقى والأمم المتحدة, وضرورة دفع الاستقرار وتحسين المستويات المعيشية بالمنطقة. وناقش قادة الصين أيضا مسألة دارفور مع النائب الأول للرئيس سالفا كير مايارديت ومسؤولين سودانيين آخرين لدى زياراتهم للصين.

فى نفس الوقت, أوفدت بكين خمس مجموعات من المبعوثين الى دارفور فى الأشهر المنتهية بشهر مايو, حين عينت ليو قوى جين كالمبعوث الخاص حول مسألة دارفور. التقى ليو - خلال زيارته للسودان فى مايو - مع الرئيس البشير وعدة وزراء حكوميين لأجل اقناعهم بابداء مرونة أكبر حول مسألة مثل المقترح الذى قدمه أمين عام الأمم المتحدة السابق كوفى عنان حول نشر قوة حفظ سلام مشتركة من الاتحاد الافريقى والأمم المتحدة فى دارفور على ثلاث مراحل. ذلك الاقتراح, كان نتيجة عام من وساطة قام بها الاتحاد الافريقى ودول أخرى. وقد حاز موافقة عريضة من المجتمع الدولى, بما فى ذلك الأعضاء الدائمون الخمسة بمجلس الأمن الدولى. قال ليو : " لقد أوضحنا للجانب السودانى انه من مصلحة السودان على المدى المتوسط والطويل أن يقبل مقترح عنان, اذ انه يعترف دوليا كحل شامل لمسألة دارفور ".

أضاف ليو : " لقد استخدمت الصين كل قناة ممكنة لنقل الرسالة الى السودان. ومن الواضح, ان الحكومة السودانية, اتفقت معنا ".

فى يوم 12 يونيو, أعلن السودان فى بيان مشترك مع الاتحاد الافريقى والأمم المتحدة, أنه قبل بكل الوضوح المرحلة الثالثة والأخيرة لمقترح عنان من دون تحفظ. وفى يوم 31 يوليو, أجاز مجلس الأمن الدولى القرار رقم 1769 حول نشر قوات من الاتحاد الافريقى والأمم المتحدة فى دارفور.

على أية حال, ان موقف الصين بشأن السعى الى تعاون الحكومة السودانية وليس ممارسة الضغط أو فرض العقوبات قد أثار انتقادات فى وسائل الاعلام الغربية. فالبعض اتهم الصين بأنها تحمى " طاغية " لمصلحتها الخاصة, ودعوا الى مقاطعة أولمبياد بكين.

وسيط واضح المسلك

قال ليو : " فى واقع الأمر, تبنت الصين موقفا شديد الوضوح فى معالجة مسألة دارفور ". ولقد اغتنم قادة الصين كل فرصة سائحة لتبادل الآراء مع نظرائهم الغربيين, بما فى ذلك المبعوث الخاص الأمريكى للسودان اندرو ناتسيوس لدى زيارته لبكين فى يناير, ولقاءات الرئيس الصينى هو جين تاو مع قادة مجموعة الثمانى فى ألمانيا بشهر يونيو. لقد رحبت بكين بزيارات الوساطة الى دارفور من قبل شخصيات دولية مثل نائب وزيرة الخارجية الأمريكية جون نيغروبونتى. وهى تتحلى بسلوك واضح تجاه المقترح الفرنسى بخصوص فتح ممر انسانى الى دارفور, شريطة موافقة الدول المعنية. وفى اجتماع باريس شهر يونيو, قام وزير الخارجية الصينى يانغ جيه تشى بدور الوسيط لتذليل الصعوبات بن السودان وبعض الدول الغربية.

" لقد حاولنا أن تقنع زملاءنا الغربيين بأن اليد الحديدية ربما ليست ضرورية أن تكون الوسيلة الوحيدة لحل المشكلات. وان فرض عقوبات لن يؤدى الا الى زيادة التعقيد عبر عدم تشجيع تعاون الحكومة السودانية بشأن حل المسألة " حسبما قال ليو الذى شارك أيضا فى اللقاء الدولى ممثلا للحكومة الصينية, مضيفا : " يمكننا أن نستخدم حكمتنا وجهودنا المشتركة لتحقيق نتيجة أفضل ".

تبنى مجلس الأمن الدولى تحت رئاسة الصين القرار 1769, الدقيق والواضح فى كلماته, مدشنا الطريق لدخول قوات حفظ سلام من الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة الى دارفور, ولكن من دون ممارسة ضغط أو فرض عقوبات على السودان. قال السفير السودانى لدى الأمم المتحدة عبد المحمود عبد الحليم ان الكثير من مخاوف الحكومة السودانية قد أخذت بعين الاعتبار فى القرار. على سبيل المثال, ينص القرار على أن قوات الاتحاد الافريقى والأمم المتحدة ستنفذ مهمة حفظ السلام فى دارفور من دون اجحاف بدور الحكومة السودانية.

قال ليو : " دارفور هى دارفور سودانية. انها دارفور افريقية. " ان الصين قد أقامت دوما علاقتها بافريقيا على قدم المساواة وعدم التدخل فى شؤون الآخرين الداخلية. وأضاف ليو : " ان سياسة الصين تجاه افريقيا عميقة الجذور فى فلسفة الثقافة الصينية, وهى عريقة التاريخ.

ان الشعب الصينى الذى يضم 56 قومية ويتحدث مئات اللهجات, يعتقد بأن الثقافات المختلفة يمكن أن تتعايش سلميا باحترام متبادل. قبل أكثر من 2000 عام, قال كنفوشيوس ان الشعب الصينى لن يفرض على الآخرين ما لا يرغب فيه هو نفسه. ولما كان لدى الصين وافريقيا من الذكريات الأليمة من الاستعمار الغربى, فان الصين لن تسعى أبدا الى مصالحها على حساب افريقيا كما يقول ليو : ان مصلحة الصين الأساسية تكمن فى بناء عالم متناغم, لانها يمكن أن تركز على التنمية المحلية فى ظل ظروف دولية مستقرة. وان الصداقة مع افريقيا هى دائما أحد أعمدة سياسة الصين الخارجية السلمية. قال ليو : " ان ما يسمى الاستعمار الجديد لا يتناسب مع استراتيجية الصين الشاملة وان اتهام الصين بانتهاج استعمار جديد فى افريقيا انما يعكس فقط طبيعة المتهمين ذوى الماضى الاستعمارى فى القارة. "

تعاون اقتصادى يقوم على المساواة والمشاركة

وحول تعاون الصين اقتصاديا مع افريقيا, قال ليو ان كلا الجانبين يلتزم بمبادئ المساواة والمنفعة المتبادلة والشفافية والمشاركة.

مضى يقول : " الصين تستورد نفطا من السودان. " بيد أن الشركات الغربية لها نصيب الأود من الموارد بالقارة. الشركات الصينية فازت بعقود نفطية من خلال مناقصة دولية, ونفذت كافة المشاريع فى السودان بالاشتراك مع شركاء دوليين بما فيها أولئك من بريطانيا وكندا والهند وماليزيا والسودان. ولما كان انتاج النفط يقسم وفقا لنصيب الاستثمار, فان الصين تحصل على حصة لشراء الحد الأدنى من اجمالى الانتاج. وحسب احصاءات الاتحاد الافريقي. فان 33% من صادرات النفط الافريقية ذهبت الى الولايات المتحدة بالعام الماضى. ثمة 36% من النفط الافريقي تدفق الى أوربا, بينما اشترت الصين 8.7% فقط من اجمالى الصادرات.

منذ أمد بعيد والدول الغربية تظهر اهتمامات متزايدة فى موارد النفط بالسودان. عندما دخلت الشركات الصينية الى السودان قبل 11 عاما, كان على البلاد أن تعتمد على استيراد أغلب ما تحتاجه من وقود. قبل ذلك, كانت بعض الشركات العملاقة الغربية تحفر فى سهوب السودان لأكثر من عقد من الزمان من دون اكتشاف أى مستودعات نفطية ذات قيمة تجارية. ولكن الشركات الصينية ساعدت السودان فى ضخ البرميل الأول من النفط عام 1996, بفضل ما استخدمته من تقنيات لا مثيل لها. وبعد ثلاث سنين, غادرت أول شحنة نفط ميناء السودان. وانطلق الاقتصاد السودانى فى الأعوام الستة الماضية مع وصول دخل النفط الى مليارى دولار أمريكى سنويا. ومن المتوقع أن يصل النمو الاقتصادى الى 13% هذا العام - رقم غير مسبوق.

وجود الشركات الصينية جلب موارد بديلة من الأموال والتكنولوجيا لتنمية الدول الافريقية.

قال الخبير الاقتصادى الافريقى المرموق أديبايو أديديجى ان شعوب افريقيا تمكنت من الحصول على منافع ملموسة من التعاون الاقتصادى مع الصين, بينما الشركات الغربية جلبت للمحليين قلة من المنافع فى استغلالها للموارد الافريقية.

أعادت الشركات الصينية استثمار الأموال فى السودان لأجل التنمية المستقبلية. وبالاستثمارات الصينية, طورت الخرطوم مجموعة كاملة من معامل التكرير والمصانع البتروكيماوية والأنظمة التجارية. لقد وجد أكثر من 100.000 سودانى وظائف فى مشاريع تعاونية بين الصين والسودان. وساعدت الشركات الصينية فى تدريب 6000 مدير وفنى محلى, يشغلون حاليا مناصب رئيسية فى صناعة النفط بالبلاد.

تبرعت شركة البترول الوطنية الصينية ( CNPC ) - وهى شركة النفط الصينية الرئيسية العاملة فى السودان - بأكثر من 35 مليون دولار أمريكى لبناء طرقات وجسور ومستشفيات ومدارس للمناطق المحلية, مما أفاد ما يزيد عن 1.5 مليون مواطن محلى.

على بعد 65 كم شمال الخرطوم, بنت الصين محطة طاقة تولد ثلث كهرباء السودان. والى الشمال قليلا, تتشكل محطة سد مروى الكبير للطاقة الكهرمائية تحت اشراف المهندسين الصينيين. ولدى اكتمالها بالعام القادم, ستزيد انتاج الكهرباء بالسودان الى ثلاثة أضعاف. وهى ليست فقط ستقضى على نقص الطاقة فى السودان, بل ستفيد الرى أيضا فى حدود قطر بطول 100 كم.

ان الصين باعتبارها أكبر دولة نامية بالعالم, تعى تماما ان السودان بحاجة ملحة لتسريع التنيمة لأجل اقتلاع جذور النزاعات. وفى حين تمتنع الدول الغربية عن تقديم المساعدات, وتفرض عقوبات على السودان, تقوم الشركات الصينية ببناء مشروعات للامدادات المائية فى دارفور, والتى هى مهمة لتخفيف حدة التوتر بسبب نقص الموارد. ولقد تعهد الرئيس الصينى هو جين تاو فى أثناء زيارته للسودان بشهر فبراير بتقديم مساعدات انسانية قيمتها 40 مليون يوان الى دارفور, بالاضافة الى مساعدات بمبلغ 80 مليون يوان قدمتها الصين للسودان. وساهمت الصين أيضا بقوات وأموال لمهمة حفظ السلام للاتحاد الافريقي والأمم المتحدة فى دارفور.

فى اجتماع طرابلس بشهر يوليو, أعرب المبعوث الخاص للاتحاد الافريقى لدارفور سالم أحمد سالم عن قلقه من أن السلام قد لا يدوم فى دارفور اذا لم يتحقق تقدم فى التنمية. ان جهود المجتمع الدولى لدفع التنمية فى السودان قد واجهت تقييدا من الاخفاقات الغربية فى احترام التعهدات بتقديم المساعدات فى ظل اتفاقية السلام الشامل التى وقعتها الحكومة السودانية ومتمردو الجنوب. وحسب الاتفاقية, " فان الأهالى فى جنوب السودان سيصوتون ما اذا كانت المنطقة ستبقى فى سودان موحد أو تنفصل عام 2011. وان منطقة دارفور ستجرى استفتاء فى عام 2010. قال سالم ان أكبر دولة فى افريقيا اذا ما حدث فيها انفصال, فان ذلك سيبعث بموجات صدمية عبر الدول المجاورة, ويعنى كارثة لكل القارة.

قال ليو مستعيدا ذكريات محادثة مع سالم فى الاجتماع : " عندما استمعت اليه, أحسست بحبه العميق لافريقيا وقلقه الشديد ". لهذا السبب تدعو الصين الى مفهوم " مسار مزدوج " فى معالجة أزمة دارفور, لا سيما بذل جهود متوازنة ومتوازية حول حفظ السلام وقرار سياسى حول المسألة. لما كانت المجموعات المتمردة التى لم تضم سابقا فى عملية السلام, جلست فى محادثات مع المبعوثين الخاصين للاتحاد الأوربى والأمم المتحدة فى أروشا التنزانية بشهر أغسطس, بدأت أخيرا عجلتا مسألة دارفور فى الدوران فى نفس الوقت باتجاه سلام دائم. وفى لقاء مع ليو, قال رئيس وزراء أثيويبا ميليس زيناوى ان الصين قد قالت ما أرادت افريقيا أن تقوله.

أخبر صديقك
  إطبع هذه الورقة